رؤية مختلفة للشمال السوري.. حوار خاص مع رئيس "تيار سوريا الجديدة"

قال رئيس تيار سوريا الجديدة، الدكتور ياسر تيسير العيتي، إن الثورة السورية لن تحقق أهدافها ما لم ينظم أبناؤها أنفسهم في كيانات سياسية تعبر عن مطالبهم، مشيراً إلى أنه لا توجد نية جدية عند الدول الفاعلة في الملف السوري لإيجاد حلول نهائية لهذا الملف، فهي تتبع سياسة إدارة الأزمة في الملف السوري أكثر من سياسة حلها.

جاء ذلك في حوار خاص أجراه موقع 'تلفزيون سوريا' مع العيتي بعد إطلاق 'تيار سوريا الجديدة' في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي تزامناً مع الذكرى الـ 13 للثورة السورية في آذار 2024، بهدف تحقيق 'استقلال سوريا، والانتقال السياسي الحقيقي، والوصول إلى دستور عصري' إلى جانب 'المساهمة في زيادة الوعي السياسي لدى السوريين في المناطق المحررة'.

ودعا العيتي إلى التلاقي حول رؤية التيار بما يخص الوضع المتردي في شمال غربي سوريا، عبر مبادرة تنادي بـ 'هيئة عامة مدنية وإدارة مؤقتة في المناطق المحررة (مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري وهيئة تحرير الشام)'.

وأكّد العيتي على أن التحدي الأكبر الذي يواجه التيار هو ضعف وعي الحاضنة الثورية بأهمية التنظيم السياسي والانخراط في كيانات سياسية يكون لها صوتها وأثرها.

وشدد على أن التيار يدعم الحراكات الشعبية الأخيرة في كل من السويداء وإدلب وأي منطقة أخرى من سوريا، لأن الشعب السوري كسر طوق الاستبداد إلى الأبد.

الحوار مع ياسر العيتي كاملاً:

ما هو تيار سوريا الجديدة؟ ولماذا اخترتم له هذا الاسم؟

تيار سوريا الجديدة، كيان سياسي وطني محافظ يلتزم بمبادئ العدل والحرية والكرامة التي قامت عليها الثورة السورية، وبتحرير سوريا من الاحتلال وإنهاء الاستبداد وبناء دولة عصرية قائمة على أسس العدالة الاجتماعية والمساواة أمام القانون لجميع مواطنيها انطلاقاً من هوية المجتمع السوري المحافظة. 

اخترنا اسم (تيار) لأنه يعبر عن التدفق والتجدد ووحدة الغاية والاتجاه، ووضعنا (سوريا) في الاسم لأننا نؤمن باستعادة سوريا على الخارطة دولة واحدة تحفظ حقوق وكرامة جميع أبنائها، وهي سوريا (الجديدة) لأننا نعمل على القطع مع القديم الذي قامت الثورة لإسقاطه وهو نظام الظلم والاستبداد وبناء الجديد مكانه القائم على الحرية والعدل والكرامة.

انطلق التيار من اعزاز بريف حلب؟ هل سوريا بوضعها الحالي أو مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري على الأقل تستوعب تأسيس تيارات سياسية جديدة؟

نحن نعتقد أن الثورة لن تحقق أهدافها ما لم ينظم أبناؤها أنفسهم في كيانات سياسية تعبر عن مطالبهم بصوت واحد وتجمع تحت مظلتها الكوادر والكفاءات القادرة على تقديم البرامج والحلول للتحديات التي تواجه السوريين سواء في المرحلة الحالية أو المراحل القادمة. 

بعد 13 سنة ثورة نحن نعتقد أننا تأخرنا كثيراً في إنتاج هذه الكيانات التي لن تكون هناك حياة سياسية حقيقية في سوريا القادمة من دون وجودها، هذه الكيانات  لن تنضج وتكتسب الخبرة إلا من خلال العمل والتواجد على الأرض وكلما تأخرت ولادتها  تأخر نضجها وتمكنها من صنع فرق في حياة السوريين.

في ظل التجاذب السياسي وتعدد الداعمين الإقليميين والدوليين لمعظم الأحزاب والتيارات السورية، هل لدى التيار مصدر تمويل؟

حتى الآن يعتمد التيار في تمويله على تبرعات أعضائه ونحن نعتقد أن الشرط الأساسي لقبول أي تمويل  هو ألا يؤثر التمويل على استقلال قرار التيار.

كيف علاقة التيار مع الفصائل العسكرية في شمال غربي سوريا، وهل لديكم أي مقرات في إدلب أو مقرات خارجي؟

بحكم أن أجساد الفصائل العسكرية مكونة من  شباب الثورة وحاضنتها، وتيارنا منبثق من هذه الحاضنة فلدينا علاقات جيدة مع الكثير من الفصائل. لدينا مقر واحد للتيار في اعزاز.

تشهد سورياً جموداً سياسياً واضحاً ويتم تحميل ذلك للنظام السوري والدول الفاعلة وإلى حد ما للأجسام المعارضة التي خضعت للضغوط وأشغلتها المحاصصات، كيف يفسر تيار سوريا الجديدة جمود الوضع السياسي الراهن؟

لا توجد نية جدية عند الدول الفاعلة في الملف السوري لإيجاد حلول نهائية لهذا الملف، هي تتبع سياسة إدارة الأزمة في الملف السوري أكثر من سياسة حلها، يعود ذلك لعوامل عديدة تختلف من دولة إلى أخرى، منها عدم وجود الملف السوري على رأس أولوياتها ضمن الملفات الأخرى التي تشغل هذه الدول، ومنها ضعف المعارضة السورية وعجز الثورة حتى الآن عن إعطاء إشارات بأنها يمكن أن تنتج بديلاً يضمن الحد الأدنى من الاستقرار في المنطقة، وهنا يأتي دور الكيانات السياسية السورية في المساهمة في صنع هذا البديل ومخاطبة العالم بلغة المصالح، ذلك العالم الذي لا يفضل التعامل مع أفراد لا امتداد شعبي لهم وإنما مع كيانات لها ثقلها على الأرض وقادرة على إقناع السوريين قبل إقناع العالم بمصداقيتها وكفاءتها. 

يوجد في سوريا جدل إسلامي علماني تاريخي، أين تيار سوريا الجديدة من ذلك؟

الجدل حول علاقة الدين بالسياسة ليس في سوريا فقط وإنما هو جدل عالمي، نحن كتيار محافظ نعتقد أن الدين أحد المكونات الأساسية لهوية وثقافة أي مجتمع وأن ذلك يجب أن يُراعى في دستور الدولة الذي يعكس إرادة هذا المجتمع، عدا ذلك نحن لا نملك أي أيديولوجية دينية خاصة نريد فرضها على السوريين. 

هل لدى التيار أي مؤسسات أو منظمات أو فرق عملت أو تعمل لصالحه، أو بمعنى آخر هل نفذتم أي مشاريع تخدم أهدافكم؟

كنا في السنوات الثلاث السابقة (تحت التأسيس) وكان التركيز على البناء الداخلي للتيار وزيادة الانسجام بين أعضائه وقمنا ببعض النشاطات الموجهة للحاضنة وهي تركز على التوعية بالقضية السورية وضرورة الانخراط في الشأن العام من خلال الكيانات السياسية والنقابية كما عقد التيار بالتعاون مع نقابة المحامين الأحرار مؤتمراً في اعزاز لمناقشة مشكلة عدم اعتراف تركيا بوثائق الأحوال المدنية الصادرة في الشمال السوري وما تسببه هذه المشكلة من اضطرابات عائلية واجتماعية  في المجتمع السوري وخرج المؤتمر بتوصيات رفعها إلى الجهات المعنية  في الحكومة المؤقتة والدولة التركية.  

بعيداً عن الأهداف المثالية؟ ما الذي يمكن أن يحققه التيار على أرض الواقع؟

التحدي الأكبر الذي يواجه التيار ضعف وعي الحاضنة الثورية بأهمية التنظيم السياسي والانخراط في كيانات سياسية يكون لها صوتها وأثرها وبالتالي نشر الوعي بهذا الخصوص سيؤدي إلى تقبل التيار من قبل الشارع ورفده بالكفاءات اللازمة لتحقيق أهدافه وهذا برأينا هدف واقعي بدأنا بالسعي نحوه وسنستمر في ذلك في المرحلة القادمة.  

على أرض الواقع هناك الكثير من التحديات التي تحتاج إلى كيانات سياسية منظمة ذات امتداد شعبي تضم كفاءات وأهل خبرة واختصاص قادرين على تقديم برامج وحلول وعدم الاكتفاء بالشعارات والمطالب العامة، من هذه التحديات: إدارة الشمال السوري وفق نموذج يليق بكرامة السوريين بعيداً عن  نموذجي الاستبداد والتبعية، تحريك الملف السوري على الساحة الدولية وإخراجه من حالة المراوحة، ملف المعتقلين، ملف عودة المهجرين، وغيرها من الملفات، كلها ملفات سياسية معقدة لا تواجه بجهود فردية وإنما تحتاج إلى كيانات سياسية منظمة لمواجهتها ويمكن للتيار أن يساهم مع غيره من القوى السياسية والمجتمعية والثورية في التصدي لهذه التحديات.

تشهد محافظة السويداء حراكاً شعبياً منذ آب الماضي، يطالب بإسقاط النظام السوري وإخراج الميليشيات الإيرانية من سوريا وتطبيق قرار 2254، كيف ينظر التيار لهذه الحراكات في هذا التوقيت وتعامل النظام معها؟

نحن مع هذا الحراك ونعتبره امتداد للثورة السورية، حراك السويداء يرفع علم الثورة وينادي بمطالبها. حتى أهازيجه وأناشيده هي أهازيج وأناشيد الثورة، فنحن نعتبر هذه المظاهرات تابعة للثورة السورية، والحراك دليل قاطع على الثورة إنها ليست طائفية كما يزعم النظام السوري، وأنه ليس حامي الأقليات كما يدعي، هذه الثورة تدل على أنها ثورة شعب بكل مكوناته من أجل الحرية والكرامة.

قبل أسابيع من ذكرى الثورة السورية، شهدت إدلب مظاهرات قوية ضد هيئة تحرير الشام وزعيمها أبو محمد الجولاني وطالبت بإسقاطه وتبييض السجون، هل تعيش المناطق المحررة حالة من إعادة تكريس الاستبداد السياسي بطرق مختلفة؟

نحن مع مطالب المظاهرات في إدلب، والحراك يطالب بالمطالب التي خرجت لأجلها الثورة، وجود وضع يحترم كرامة السوريين يتيح لهم حرية التعبير، وضع ليس فيه احتكار للسلطة، ليس فيه وصاية، ليس فيه قبضة أمنية.

ما يحدث في إدلب الآن، يدل على أن السوريين كسروا طوق الاستبداد مرة واحدة وإلى الأبد، ولا أحد يتوهم أن السوريين يمكن أن يستكينوا لأي حالة استبدادية، قد يسكتوا مؤقتاً نتيجة لظروف معينة لكن بعد وقت قليل أو كثير تعود الناس للنزول إلى الشارع للمطالبة بحقوقها، وهذه رسالة للجولاني ولغيره إن لم تحصل الناس على حقوقها فلن تستقر الأوضاع ولن يكون هناك وضع في الشمال يحقق مصالح الجميع.

يدعو التيار إلى التلاقي حول مبادرة لتوحيد شمال غربي سوريا وفق نقطتين أساسيتين: هيئة عامة مدنية وإدارة مؤقتة في شمال غربي سوريا، حيث يمكن أن يخلق النموذج الذي ستسفر عنه المبادرة بيئة مستقرة تسهم في تحسين شروط التمثيل ومستويات الإدارة والأمن العموم شمال غربي سوريا وتوحيد معاييرها كما سيساعد هذا النموذج على عودة أبناء هذه المناطق إليها وتنظيم العلاقة مع الجار التركي ودعم استقلال القرار الوطني، وهو نموذج لن يولد إلا بتضافر كل القوى الوطنية في الشمال السوري.

الجولاني في مواجهة الحراك الشعبي بإدلب.. ما هي خياراته؟

من يضم تيار سوريا الجديدة؟

ويضمّ التيّارُ أكاديميين ورجال دين وفلّاحين وطلبة، ويسعى لتقديم برامج اجتماعية وسياسية واقتصادية عمليّة للنهوض بالمجتمع والدولة السورية.

ومن أبرز الأسماء التي يضمها التيار في مكتبه التنفيذي كل من 'ياسر العيتي رئيس التيار، محمد منير الفقير نائب رئيس التيار للشؤون السياسية، 

ضياء الدين الأسود نائب رئيس التيار للشؤون الإدارية، نور الجندلي مسؤولة الهيئة النسائية، بلال جبيرو مسؤول الهيئة الشبابية

ماهر علاء الدين مسؤول التيار في المهجر، عبد الحميد الجندلي أمين السر، إلى جانب عصمت العيسي أميناً عاماً'.

ولدى التيار تصور للعمل السياسي في سوريا عبر محددات وموجهات ونظرة على مستقبل البلاد وضرورة توحدها وطنياً بتكاتف الجميع -دون إقصاءٍ لأحدٍ – من أجل تحرير وبناء سوريا المنشودة، بحسب الموقع الرسمي له.

من هو ياسر تيسير العيتي؟

والعيتي طبيب وكاتب ومعارض سياسي سوري من مواليد الرياض 1968، يحمل إجازة بالطب البشري في جامعة دمشق 1992، وحاصل على دبلوم في الأمراض الداخلية من جامعة لندن 2001

شغل عضوية الأمانة العامة في إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي عام 2005، وشارك في معظم النشاطات التي طالبت بالتغيير في سوريا قبل اندلاع الثورة السورية، اعتقلته مخابرات النظام السوري عام 2007 على خلفيه نشاطاته السياسية.

انخرط في الثورة السورية منذ بدايتها عام 2011، وشغل عضوية مجلس قيادة الثورة في مدينة دمشق.

يشغل حالياً رئيس مجلس الإدارة في مؤسسة بنا وهي منظمة مجتمع مدني تعنى ببناء القدرات والتنمية المجتمعية للسوريين في تركيا وسوريا.

وللعيتي العديد من المؤلفات والكتب والترجمات والدراسات الاجتماعية إلى جانب كتابته الشعر في 4 دواوين منشورة.